أذكر أننا في طفولتنا كنت نتمني أن نصبح كبارا. وكانت اللعبة المشهورة أن نقوم بتمثيل دور أب وأم وأن تمثل الدمي دور الاطفال وأننا ندير شؤون البيت . كانت تلك هي اللعبة الشائعة لأجيال عديدة. وكان الأطفال يتطلعون لكونهم كبار وأصحاب قرار. هل ما زال الحال علي ما هو عليه أم أن هناك تغيير مع الوقت والزمن؟
في لقاء مع مجموعة من الأبناء من الصف السادس أي في سن يتراوح بين ال11 و12 سنة، وأثناء الحوار ظهرت لديهم الأفكار التالية :
عندما أخبرتهم عن تصنيف مراحل الطفولة كما أعلنها علماء النفس وأن الطفولة المتأخرة تنتهي عند سن الحادية عشرة دافعوا بقوة عن صفتهم أنهم أطفال وأنهم لا يريدون أن يكبروا،وعندما سألتهم عن السر وشرحت لهم كيف كان المعتاد ممن في سنهم أن يتعجلوا أن يكبروا وأن يصيروا شبابا وشابات قالوا:
- لا نريد ان نكبر لأننا لا نريد أن نذهب للعمل
- لا نريد أن ندفع الفواتير والضرائب
- لا نريد أن نطهوا طعاما أو ندير شئون المنزل
- لا نريد ان نتحمل أي مسؤولية
- لا أريد أن أكون كسولا قليل الحركة
- لا أريد ان أتوقف عن المتعة واللعب
وهنا أرجوا من جيل أولياء الأمور والمعلمين أن يقفوا وقفة، متأملين تلك الأسباب. إنه من الواضح أننا عمقنا تلك الأفكار لدي الأولاد من لخلال تعليقات عفوية تصدر مننا ولا نتخيل أبدا أنها رسمت لدي الاولاد خيالات مؤلمة حول مستقبلهم وكيف أنه كونك كبيرا ومسؤولا لهوتعذيب وإحباط ، لابد أنهم يستمعون لآباء وأمهات يقولون مثل الجمل التالية :
- أنا أعمل وأعاني من أجلكم، لابد أن تقدروا ما أتحمله من أجلكم
- أنتم لا تقدرون قيمة النقود فأنا أدفع الفواتير و….
- أنا أفعل كل شيء وحدي من ترتيب ومشتريات وطهي وتنظيف وأنتم لا تتحملون معي المسؤولية، أنا لا أستطيع أن أتحمل.
- أنتم لا تقدرون ما نتحمله من ضغوط.
- غدا عندما تكبرون وتعيشون ما نعيشه نحن الآن ، ستعرفون حجم الضغوط التي تحملناها من أجلكم
- أنا متعب من كثرة العمل ولا أستطيع الخروج أو الحركة
- إلي جانب الحديث السيئ الذي يصف العمل والزملاء به والمديرين بأسوأ الصفات وكيف أن وقت العمل مليئ بالصراعات والمعاناة.
مع الأسف تلك الرسائل المتكررة جعلت عددا غير قليل من أبنائنا يهربون ويلتصقون بطفولتهم ويقاومون النضج وتحمل المسؤولية واتخاذ القرار.
في اللقاء التالي مع الأولاد قمت بتقسيمهم إلي مجموعتين وتخيرت للبنين ان يدافعوا عن مرحلة الطفولة( عن قصد لإنهم كانوا أقل رغبة في البقاء فيها ) ومن البنات أن يدافعوا عن مرحلة البلوغ وأثناء الحوار حرصت علي توصيل بعض الرسائل من خلال التعليقات التالية حول ما قالوه من توصيفات
سأضع لحضراتكم الآن بعد الإجابات التي قدمتها لهم في محاولة لتغيير تلك القناعة:
- كل مرحلة لها مسؤولياتها فانت مسؤول عن دراستك واختبارات وتقديم مشروعات. أنت مسؤول عن عباداتك ونظافتك وانت مسؤول بقدر ما عن أسرتك. عندما تكبر أكثر تتناسب المسؤوليات مع نمو القدرات والإمكانات فتكاد تكون النسبة ثابتة بين ضغط المسؤولية وقدرات الانسان إذا قارننا المرحلتين معا .
- من قال أن المسؤولية شيئ سيئ ، إنها تعطي الإنسان شعورا بالقيمة و الإنجاز والمتعة بالنجاح وإحتياج الآخرين إليك .ان الشعور بأنه هناك من يحتاج اليك ويعتمد عليك هو شعور ضروري وأساسي للشعور بالسكينة والاطمئنان في الحياة. بل إن الكثير من حالات الإكتئاب التي تصيب كبار السن يكون منبعها من شعوره أن من حوله لا يحتاجون اليه بعد الأن. ستعرفون ذلك فقط عندما تصلون لتلك المرحلة.
- عندما تكون طفلا تدرس كل المواد لأنك تؤسس عقلك وتكتشف نقطة الشغف لديك، عندما تكبر سيمكنك أن تتخصص فيما تحب. حتي لو كان نوعا معينا من الألعاب فيمكنك أن تكون صانعا ومبتكرا ومطورا لها.
- غيرصحيح أن الكبار لا يستمتعون بحياتهم ولكن نوع المتعة وشكلها يختلفان. فكما أن الطفل الرضيع يستمتع بمجرد تحريك الاشياء التي تصدر أصواتا فأنت الأن تستمتع بشكل مختلف وغدا ستجد متعتك أيضا. إذا كان هناك كبار لا يستمتعون بحياتهم فهذا خطأ منهم وليس الأصل. إنهم يديرون حياتهم بطريقة خاطئة فلقد نصح رسول الله بالترويح عن النفس وإنها ساعة وساعة حتي لا تمل القلوب فتعمي البصيرة.
- غير الصحيح إنه من الضروري أن يكون الكبار كسالي ولا يتحركون. هذا خطأ فإنه من الواجب علينا أن نكون ذوي أسلوب حياة
صحي ونظل نمارس الرياضة والحركة والنشاط طوال إمتداد أعمارنا. من لا يفعل ذلك هو مقصر في حق نفسه وليس الأصل. وأسلوب الحياة السليم هذا هو ما نحاول أن نكسبهم إياه من الآن.
- غير صحيح أن الذهاب للعمل شئ سئ إلا إذا كنت تخيرت نوعا من التخصص لا يناسب مواهبك والدور الذي خلقك الله له. إذا أحسنت الإختيار ، سيكون العمل متعة وإبداع وهذا أيضا ما يجب أن تعدوا أنفسكم له.
يمكن لتلك الصور ان تؤكد علي بعض المعاني التي نريدها أن تصل للأولاد.
أرجوا من حضراتكم أن تتابعوا الموقع. وأن تضعوا في خانة التعليقات رأيكم إذا كنتم تتفقون أو تختلفون مع ما كتبناه. وأضيفوا لنا حلولا أخري لمساعدة أبنائنا الأحباب أن يتطلعوا لمستقبلهم بدلا من أن يخافوا منه.