تعرفون يا أولاد أن في بداية قيام دولة الإسلام، كان هناك دولتان كبيرتان هما الفرس والروم
كانت القسطنطينية هي عاصمة الدولة الرومانية. وكان الروم يظلمون شعوبهم فعاشت الشعوب في فقر وضيق. وكانوا لا يسمحون لهم بحرية العقيدة ولا العبادة بل كانوا يتعاملون معهم كعبيد يمتلكونهم ويتصرفون فيهم كما يشاؤون. بل والأكثر من ذلك أنهم كانوا ليستمتعوا، يقيمون مباريات قتالية حتى الموت بين عبيدهم. ولو رفض أحد العبيد أن يقتل صديقه، كانوا يقتلونه هو. كانوا أيضا يستمتعون بمباريات بين العبيد والأسود ويضحكون وهم يرون الأسود تفتك بالعبيد في كثير من الأحيان. لهذا عملت الدولة الإسلامية على فتح تلك الدول لتحرر الناس من ذلك الظلم وتعطيهم الحرية ليؤمنوا أو يكفروا فذلك قرارهم.
وبالفعل نجحت جيوش المسلمين في فتح ممالك الروم حتى وصلت لأسوار العاصمة الخاصة بهم وهي القسطنطينية (مدينة إستانبول الآن). لشدة أهميتها قام الرومان بتحصينها بشكل كبير حتى إستعصت على كل قادة جيوش المسلمين أن يفتحوها.
و أعود بكم إلي الوراء يا أولادي لأخبركم أنه في حياة رسول الله قال نبوءة بشر بها المسلمين، قال
لتُفْتَحنَّ القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش.
فمن هو صاحب تلك البشارة ؟
إنه “محمد الفاتح” ابن السلطان العثماني “مراد الثاني
يا أبنائي من يعرف:
قبل 800 عام من فتح القسطنطينية حيث كانت الدولة الرومانية في قمة مجدها والدولة الإسلامية في أضعف أحوالها ويقول رسول الله هذه البشارة. وليس كذلك فحسب ، بل إنها تحدث فعلا وتتحقق كما قال. من يعرف من أين عرف رسول الله هذه المعلومة ليخبرنا بها؟
ولد “محمد” ابن السلطان “مراد الثاني” في (27من رجب 835 ﻫ = 30 من مارس 1432م)
ونشأ تحت رعاية أبيه السلطان “مراد الثاني” سابع سلاطين الدولة العثمانية الذي عمل على أن يجعل ابنه قائدا عظيما:
هل تعرفون ماذا كانت الخطة لتربية البطل الناجح القادر علي حل كل المشكلات: من يمكنه أن يقترح؟
- قام والده بتعليمه وإعداده ليكون جديرًا بمنصب السلطان ، والقيام بمسئولياته ، فأتم “محمد الفاتح” حفظ القرآن ، وقرأ الحديث النبوي ، وتعلم الفقه الإسلامي . لهذا يا أحبابي نحن نصر علي دروس القران والحديث والفقه لأنها تصل الإنسان بالله وتلك أولي أسباب القوة.
- وتعلم “محمد الفاتح” الرياضيات والفلك وفنون الحرب والقتال ، وإلى جانب ذلك تعلم اللغات العربية والفارسية واللاتينية واليونانية ، وخرج مع أبيه في معاركه وفتوحاته . ولهذا يا أحبابي نحن نذهب إلي المدرسة لنتعلم أيضا لأن العلم هو السر الثاني من أسرار القوة.
- وبعد أن حصل علي علوم الدين وعلوم الدنيا جاء وقت التدريب فولاه أبوه إمارة صغيرة ؛ ليتدرب على إدارة شئون الدولة تحت إشراف عدد من كبار علماء عصره ، وهو ما أثر في تكوين شخصية الأمير الصغير ، وبناء تفكيره بناءً إسلاميًّا صحيحًا .
وقد أخبر الشيخ “آق شمس الدين “- وكان واحدًا ممن قاموا على تربية “محمد الفاتح” وتعليمه – الأمير الشاب محمد، حديث رسول الله ولأن محمد صديقنا في القصة كان دوما ذا طموح عال فقد قرر أن يجتهد ليكون خير أمير وقائدا لخير جيش وصفه رسول الله.
يا أحبابي ، يجب أن يكون المسلم طموحا، عندما نضع طموحات وأحلام كبيرة ، يعمل المخ والعقل بشكل مميز ليحقق تلك الأهداف. وعندما نضع لأنفسنا أهدافا صغيرة ، يكسل عقلنا وتضعف همتنا وبالفعل لا نحقق سوي الأهداف الصغيرة وقد لا نحصل عليها أيضا بسبب شدة الكسل وضعف الهمة. لذلك أحبابي اجعلوا افكاركم عظيمة واجتهدوا فحتي لو حققتم جزءا منها فسيكون انجازا كبيرا.
من يحكي لي عن حلم وطموح يفكر فيه ويضعه نصب عينيه
- وهنا يكون معنا بطاقات تعريفية ونكتب لكل طفل اسم الحلم الذي يقوله ويكون من الرائع أن يلصقه كبطاقة تعريف
ولنعود الآن إلي قصتنا، كبر محمد وتولي الحكم للدولة العثمانية وظل يفكر بعد أن تعلم وتدرب كيف يمكنه ان يفتح القسطنطينية ويرفع الظلم عن أهلها ويفتح الطريق أمامهم للعدالة والحرية والكرامة. ولكن قابلته مشكلات رهيبة تلك التي منعت قادة جيوش المسلمين من فتحها لمئات السنين وكانت تلك التحصينات هي:

كانت القسطنطينية محاطة بأسوار عالية جدا وكانت الأسوار مزدوجة أي داخلية وخارجية. وبينهما يتحصن الجنود ويلقون علي من يحاول الإقتراب من الأسوار السهام والزيت المغلي فلا يستطيع أحد تسلق تلك الأسوار.
إذا اقتربت المدفعية من السور لتقصفه، انهالت عليهم السهام فلا يستطيعون قصف الأسوار بالمدافع. لو ابتعد المدفع عن السور لينجوا الجنود من السهام فإن طلقة المدفع في ذلك الوقت لم تكن تصل إلي الأسوار
كانت الأسوار ضعيفة نسبيا في جهة واحدة جهة القرن الذهبي وكانت تطل علي البحر ولكن ليمنعوا سفن الدولة العثمانية من الوصول لهذه الجهة كانوا يضعون سلاسل كبيرة جدا تمنع السفن من العبور. من تلك الجهة كانت تأتي القسطنطينية المعونات والاغذية من أوروبا. فمهما حاصر المسلمون الاسوار من البر فإنهم كانوا لا يبالوا بحصارهم أبدا.
حاول الكثير من المسلمين حصار القسطنطينية فترات طويلة لكن الشتاء في تلك الأماكن يكون قاسيا و صعبا فلا تتحمل الجيوش الحصار لفترة طويلة.
ماذا فعل السلطان محمد ليحل تلك المشكلات التي أوقفت كل القادة من قبله:
- أحضر العلماء والمهندسون وجمع الخرائط الدقيقة والمعلومات عن كل شيء: طول الأسوار في كل مكان. قدرة المدافع والمدي الذي يحتاجه لينجح في قصف الأسوار ..كل التفاصيل والمعلومات جمعها من مصادر علمية دقيقة.
أنتم أحبابي عندما تكون عندكم مشكلة، من أين تحصلون علي المعلومات؟
من أمي – من معلمتي – من كتاب – من الانترنت لابد أن احذر ان هناك أماكن موثوقة وأخري غير موثوقة ولتساعدني امي أو معلمتي في التيقن من مصداقية المواقع أو الاصدقاء علي الانترنت
الخطوة الثانية كانت دراسة الحلول المناسبة لتلك المشكلات، فقرر التالي:
- العائق الأول: أن يبني قلعة بالقرب من القسطنطينية حتي يمكنه أن يطيل حصارها بدون ان يتعرض جنوده لقسوة الشتاء. أخبره المهندسون أنها تحتاج لعام كامل لكنه قرَّر بناء حصنٍ في مدة زمنية لا تتعدى الأشهر الثلاثة… فجمع العمال، واختار منهم المتقنين المهرة، وحفَّزهم بقوله: “أتحبون أن تكونوا من أتباع رسول الله يوم القيامة…. وتكونوا من الذين قال فيهم «ولنعم الجيش ذلك الجيش»؟ فتحفّز العمال، وأنجزوا العمل في وقتٍ قياسي، وتم بناء قلعة عظيمة يستغرق بناؤها سنة كاملة في ثلاثة أشهر فقط.
- أمَّا العائق الثاني: وهو عدم وجود المدفع الصالح لاختراق أسوار المدينة؛ فقد ضرب الفاتح المثل في تفعيل قاعدة “الحكمة ضالَّة المؤمن؛ أنَّى وجدها؛ فهو أحقُّ الناس بها؛ فقد استقدم الفاتحُ العالم المجري المهندس “أوربان”، والذي كان قد علم أنه أعدَّ مدافعَ ذات قوة خاصة، بإمكانها أن تدكَّ أسوار القسطنطينية، وكان “أوربان” قد عرض خدماته على إمبراطور القسطنطينية، فلم يمنحه ما كان يريده من مكافأة، فجاء للفاتح، فاستقبله استقبالًا حسنًا، وأغدق عليه الأموال، وعرف كيف يستفيد منه أكبر استفادة، بل ويسَّر له كل الوسائل التي تمكِّنه من إتمام اختراعه، ووضع تحت تصرفه ما طلبه من آلات وفنيين.. وشرع “أوربان” في صنع المدافع، بمعاونة عدد من المهندسين العثمانيين الآخرين، وكان الفاتح يشرف عليهم بنفسه، ولم تمضِ ثلاثة أشهر حتى كان “أوربان” قد صنع ثلاثة مدافع، بينها مدفع ضخم عملاق، كان يزن سبعمائة طن، وتزن القذيفة الواحدة فيه ألف وخمسمائة كيلو جرام! يصل مداها ألف ميل، يجرُّه 60 ثورا بمعاونة 400 من الرجال الأشداء كل 200 على جانب. وعندما أرادوا أن يجربوه لأول مرة في “أدرنة” أنذر السلطان سكان المنطقة، ثم أطلقوه فسُمِعَ دَوِيُّه على بُعْدِ ثلاثة عشر ميلًا، وسقطت قذيفته على بُعد ميل، وتركت أثرًا بعمق ستة أقدام في الأرض، وقد قطع هذا المدفع -الذي أسماه العثمانيون بالمدفع السلطاني- الطريق من أدرنة إلى موضعه أمام أسوار القسطنطينية في شهرين اثنين، وسُرَّ السلطان محمد الفاتح بنجاح التجربة، وتفاءل بالفتح، وأجزل العطاء لهذا المهندس المجري، ولكل المهندسين الذين عاونوه
- . أمَّا عن السلسلة الموجودة بعرض الخليج؛ فقد كانت هذه السلسلة تعوق دخول أسطول المسلمين إلى داخل الخليج حتى تصل إلى الأسوار وتحكم الحصار ؛ ولهذا قرَّر أن يقوم بعمل فريد من نوعه، فقام بعمل ممر تسير فيه السفن خلال الجبل حتى تصل مباشرة إلى داخل الخليج بدون المرور عبر السلسلة وهذه المسافة تقدر بثلاثة أميال.. واستعمل في ذلك قضبانًا خشبية دهنها بالزيت لتسهل من حركة السفن، وكان عددها سبعين سفينة، واستعمل في جرِّها مئات الثيران ومئات الرجال، واستغرق نقل السفن من بعد غروب الشمس حتى ما قبل الفجر؛ حتى يفاجئ الروم. وقد استمرَّ الحصار ثلاثةً وخمسين يومًا حتَّى قيض الله الفتح للجيش.
وهكذا كان العلم سبيلًا للإبداع والقدرة علي التخطيط، وعاملًا هامًّا من عوامل فتح القسطنطينة، وتحقيق ذلك الحلم للمسلمين. نجحت الخطة لأن القائد :
- أستعان بالله
- اتخذ بأصول العلم وأسباب المدنية
- العزيمة وبذل الجهد لتحقيق ما خططه العلم
أحبابي أنتم أيضا تحتاجون لنفس الوسائل الثلاث لتحققوا أحلامكم وستحققونها بعون الله
عزيزي المعلم، إن كنت من سكان إستانبول سيكون من الرائع أن تأخذ طلابك إلي بانوراما فتح القسطنطينية.
فلتجمع الطلاب كل ركوب الحافلة وتشرح لهم تلك المعلومات مستعينا بالخريطة التوضيحية حتي إذا ما ذهبوا إلي هناك تمكنوا من فهم ما يرونه. فسيرون الأسوار المزدوجة والمدفع السلطاني وأحداث المعركة وصورة الجنود فتثبت المعلومة ويستشعرون عزة المسلم الذي إتصل بالله واجتهد بالأسباب من العلم والعمل فاعطاه الله النصر مكافأة علي ذلك