قررت أن أتعامل مع آلامي

نعم قابلتهم جميعا. كل منهم على حدة. وغيرهم كثير. وجمعت لكم مكنون قلوبهم والجواب على شكايتهم.

هناك رسائل أخرى لكن اكتفيت بهذا القدر الذي أعتقد أنه يحقق الهدف ويوصل الفكرة. وأتمنى مشاركة منكم لنجمع خبرات مختلفة عساها تصلهم فيجدون لديكم ما ينفعهم. قالوا:

أنا أشعر بألم فظيع، لقد فقدت والدي الذي أحببته بشدة. لم يكن والدا عاديا. كان والدي وأخي وصديقي.

أشعر بقلبي يتمزق ينفجر فلقد توفي صديقي الصدوق في حادث سير. لقد كان توأمي . كبرنا سويا وتعلمنا كل جديد سويا وتفتحت عيوننا على الكثير من محطات الحياة سويا. لا يمكنني أن أكمل بدونه.

أرتعب بشدة وتؤلمني فكرة التقدم بالعمر. تمر أيامي وأقترب من النهاية كل يوم. عيد ميلادي ليس عيدا بل حفل تأبين لعام كامل مضى من عمري. أنا لم أعيشه كما رغبت ولم أحقق فيه ما تمنيت.

أنا زوجة من خمسة أعوام. محرومة من الأطفال رغم أنه لا يوجد أي مانع طبي واضح. أشعر بهم كبير وألم حرمان لا يمكنني أن أصفه. لا يوجد طعم لأي شيء آخر. كل الألوان باهتة. كل العلاقات بلا معنى.

أشعر بحزن شديد. أرى كل الناس أو أغلبهم ينعمون بملذات لا أملكها. فهؤلاء يشترون ويرتدون أفضل الماركات. وهؤلاء ينعمون بصحبة وشهرة ومحاطون برفقة دائمة يستمتعون بها. إنهم يشترون كل ما يريدون.

كلنا لا نستطيع أن نعيش بهذا الفقد وهذا الشعور. نعم كل منا له ألم مختلف، لكننا نشترك جميعا في أن الألم عميق لدرجة يستحيل معها الاستمرار. ما الحل؟ هل هناك حل؟

نعم نحن بمحاجة لمعالج نفسي يساعدنا على التعافي.
جملة نسمعها كثيرا ونظل نبحث عن التعافي من الخارج وهو بالحقيقة سر دفين في نفسك وقدرة تملكها بالفعل.
لنسير معا في خطوات، جربها بعزيمة
لا بأس في طلب المساعدة في خطة سيرك ولكن لو لم تكن المساعدة متاحة، فلتشمر عن ساعديك ولتنطلق وجرب تلك الخطوات. لا تستسلم

سأرد عليك بداية بقصة حقيقية

قالت لي إحدى الداخلات حديثا في الإسلام. فقدت عزيز على قلبي. لقد كان الألم لا يوصف. لم أجد حلا يزيل هذا الألم. جلست على سجادة الصلاة. دعوت ودعوت ولجأت إلى الله أن ينزع هذا الألم من قلبي. وبعد أن رجوته كثيرا وسالت دموعي، شعرت بإجهاد وغفوت.
واستيقظت فإذا بحالة من الرضا والراحة وقد زال الألم وحل مكانه سكون وهدوء. ما زال هناك حزن بالطبع. ولكن مصحوبا برضا وثقة في أجر وثواب وعوض من رب العالمين.

نعم أن القلوب بيد الله. فإذا شق عليك شعور يؤذيك فالجأ لصاحب هذا القلب يداويك.

وقصة أخرى: 

كان الناس ومازالوا يعالجون الألم بكي الجلد الذي يغطي موضع الألم. وكانت آثار الكي دلالة للطبيب على موضع الألم. هل كان الكي يعالج المرض؟

بالطبع لا. لكن عقل الإنسان إذا انشغل بمؤثر ما، أهمل المؤثر الآخر.
لهذا فكلما شغلت نفسك بأمور كثيرة إيجابية في حياتك، كلما خف لديك الشعور بالألم على أحد تلك الأشياء.
كلما زاد وقت فراغك وقلت مسؤولياتك، كلما زاد ألمك.

نعم، عليك أن تنشغل بأعمال أخرى وأن تنظر لمستقبلك وتحدد أهداف حياتك وتتنازل عما استحال عليك وتركز على ما يمكنك تحقيقه بالفعل وسيخلف عليك الإنجاز سعادة جديدة تداوي ألم روحك.

ومعلومة فيزيائية

كلما زادت مقاومة السلك الكهربي للتيار الكهربي، زادت حرارته(وهي فكرة صناعة المدفأة من سلك عالي المقاومة) وربما تصل لدرجة انصهاره إذا كان مصنوعا بمواصفات منخفضة درجة الانصهار.
والإنسان مثل ذلك. كلما رفضت فكرة الفقد والخسارة والحرمان، كلما زادت درجة الألم. فقط مجرد أن تتقبل الأمر الواقع ستستريح لحد بعيد.
ثبت في الأبحاث الطبية أن المرضى لأمراض مؤلمة جدا من المؤمنين الذين يرضون بقضاء الله وقدره ويثقون بالأجر على الصبر والعوض من الله في الدنيا أو حتى في الآخرة يحتاجون لجرعات مسكنات أقل من غير المؤمنين.

ليس عليك أن تتحمل الألم، عليك فقط أن تتقبله وسيخف.

تركز على النعمة وخاصة غياب الألم 

هل أصابك ألم شديد في يوم ما ثم زال؟
هل تذكر شعورك بالراحة فور انتهاء الألم. هل شعرت بجمال غياب الألم البدني وتلك الراحة والسكينة التي ربما استسلمت بعدها لنوم عميق.

عندما تشعر بالألم النفسي الشديد، عليك أن تجلس بهدوء وتغمض عينيك. وتستعذب روعة جمال غياب الألم.
تأمل جمال قدرتك على فتح عينيك وقدرتك على قراءة تلك السطور بدون مساعدة.
جمال قدرتك على المشي والحركة ولو بمساعدة.

جمال ما لديك من نعمة ولو فتحت عيون بصيرتك لوجدت منها ما لا يحصى ولا يعد. وحجم ما فقدته وسيكون ضئيلا بالنسبة لما هو موجود لديك.

استعمل حواسك الخمس

لا بأس بمذاق لطعام تحبه، لكن احذر الافراط وإدمان الطعام كهروب من الألم.
. لا بأس بملابس ذات ملمس مريح وشكل أنيق، وليس بالضرورة غالية الثمن
لا بأس بدش دافيء وصابون استحمام ذو رائحة عطرية جميلة أو زيارة لمصفف/ مصففة الشعر.
رتب المكان المحيط بك وزينه بقدر الممكن والمتاح أو غادر لساحل أو مكان تنبسط فيه السجادات الخضراء.
استمع لصوت جميل من زقزقة عصافير أو تلاوة قرآن أو نشيد طاهر الكلمات.

ابحث عن المعنى والفائدة. ربما هناك درس ينتظرك أن تتعلمه حتى ينكشف الهم

يقول تعالى:(ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم) قد يرى الله من قلبك بعدا عنه وتعلقا بغيره فيحرمك من هذا الشخص أو الشيء حتى يحسن توجهك إليه فتكسب الدنيا والآخرة.
قد يرى الله فيك ضعفا، وذلك الموقف الصعب سيعالج ضعفك ويبني قوة ذاتك وقد يوجهك لما فيه خير لك مما تتمناه. ثق أن هناك خيرا مخبوءا في أكبر المصائب وإن لم يكن غير أنك تكون من الصابرين الذين يوفون أجرهم بغير حساب لكان خير لك من الحصول على كل ما تريد من الدنيا.

ولتستحضر قصة الأعمى والأبرص والأقرع وقد كانت النعمة من الثروة والجمال والبصر والجلد الحسن والشعر الحسن اختبارا نجح فيه الأعمى ورسب كل من الأقرع والأبرص. فنحن لا نعلم أدائنا بدون البلاء. نعم قل لعله خير

مفهوم أساسي ورئيسي

قال تعالى في سورة تبارك( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا)
وقال ( ولنبلونكم بنقص في الأموال والأنفس والثمرات)
وقال: (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون)

أن تعرف طبيعة الطريق. أن هناك مواقف صعبة تحتاج منك صبرا ومعالجة وثباتا وهذا هو الاختبار. فلتشمر ساعديك ولتري الله منك ما يرضيه ولينتهي هذا الامتحان وهو راض عنك.
ولتصل إلى السعادة الحقيقية الدائمة في النهاية.

ويسرنا أن نضيف خبرة المعالج النفسي والتي أضافتها لنا 
المعالج النفسي / أ. كوثر موسى

١-ان تنظر للماضي أنه عظة وعبرة ايجابية للمستقبل.

٢-أن تحتسب ألمك ومعاناتك عند الله وتكرر دعاء المصيبة عند تذكرك لمعاناتك في الماضي (انا لله وانا اليه راجعون.اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها )

٣-أن تستشعر نعمة أنك نجوت من الألم وأنه أصبح من الماضي بدلا من أن تستشعر انك ضحية.أي أن شعور الناجي يحل محل شعور الضحية . وهذا ضرورة للتخلص من المعاناة.

٤-أن تدرك أن لك الحق أن تسامح أو لا تسامح الجاني. ولا يشترط من التعافي أن تسامح الجاني ولكن يشترط أن تواجهه حقيقة أو في الخيال، أو تحكي عنه لصديق حكيم أو متخصص.وأن لا تخاف ولا تتحرج من أن تحكي الإساءة لتعيد صياغة الصدمة داخلك بشكل له معنى

وإذا كان سبب الألم لديك بسبب إساءة شخص فيمكنك أن تقيم حالك ودرجة تعافيك بمقارنة حالك بصفات الناجي من صدمة الاساءة في الماضي 

١-يتقبل نفسه والآخرين وكأن شيئا لا يدهشه.

٢-يرضي عن ذاته في غير عجب ويكون ظاهره وباطنه سواء

٣-يتحمل خطاياه بمسؤولية ويقوم بواجباته بدون انتظار مدح الآخرين.

٤-يرضي ويقنع بالمتاح من نفسه والآخرين.

٥-يتقبل أحداث الحياة بكل ما فيها من خير أو شر بدون جزع

٦-ينخفض سقف توقعاته من البشر. لإدراكه أن البشر خطاء

٧-يتحلي بالصدق والحرية في إظهار مشاعره واحتياجاته

٨-لا يسمح لأحد أن يستغله. ويطالب بحقه.

٩-يطمع في الآخرة ويرجو رحمة ربه.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.