كان سامي طفلا يتغذى على لبن اصطناعي. أعطوه رضاعة صفراء يوضع له فيها اللبن كل يوم. في البداية كره سامي طعم اللبن الاصطناعي. كرهته معدته. أصابته نوبات من الإسهال محاولا جسمه أن يتخلص من أثر تلك المادة الصناعية المعطاة شكل اللبن الحقيقي. بمرور الوقت، تعود سامي على رضاعته. الآن يرفض سامي أن تستبدل تلك الرضاعة. يدافع عنها ويقاوم بشدة تغييرها. نسيت أن أخبركم أن اللبن الذي كان يوضع لسامي كانت تضاف له نكهات مختلفة ومغذيات مختلفة.
كبر سامي لكن لم يفطم من رضاعته. ما زال كل صباح يلتقطها ويشرب ما يجده فيها. بالكاد ظهرت لسامي أسنان فهو لا يأكل طعاما خشنا حتى تقوى أسنانه. وما نبت من أسنانه فقد تسوس وتفتت بسبب السكر الموجود في اللبن الاصطناعي.
كان لدى سامي عدد من اللعب يظل يدور بينها ويلعب بها وعندما يمل من اللعب بها، ينام. أحيانا فكر سامي في الخروج من الغرفة. كان يخرج من الباب إلى ممرات واحد تلو الآخر ثم يجد بابا في النهاية وعندما يدخل فيه، يجد نفسه في نفس الغرفة القديمة ويجد رضاعته هناك وبها لبنه المنكه فيشرب لبنه وينام على نفس فراشه أو ينام على الأرض.
كان الخروج في تلك الممرات متعة لسامي. كان يشعر بالإثارة وكانت عودته لنفس الغرفة محبطة بعض الشيء لكنه تعود عليها.. بالرغم من حالة الإحباط تلك، ما زال سامي يجرب لعبة الخروج إلي الممرات والعودة لغرفته. كانت تلك اللعبة تعطيه شعورا بالحيوية والنشاط. كانت تجعله يشعر بالحياة والإثارة برغم الإحباط الذي يصادفه في النهاية كل مرة.
يشعر سامي أن حياته جميلة وأنه يفعل كل ما بوسعه وكل ما هو ممكن. ويأمل دوما في أن حياته ستكون أفضل. سامي بحاجة فعلا لمن يفتح له بابا للخروج من هذا البيت إلى فضاء الدنيا الطبيعي الجميل المليء بالصحة والقدرة.
تحليل القصة:
- الرضاعة الصفراء تشير إلى كل مانتلقاه من مدخلات سيئة تؤثر فينا وتشكل وعينا ومعتقداتنا عن الحياة وبالتأكيد ينشأ عنها سلوكيات تؤذينا. وهي إشارة لما يقدم لنا من فكر أو استثارة من مسارات كثيرة مثل
الإعلام والتعليم والسوشيال ميديا وغيرها.
- المقاومة في البداية هي مقاومة الفطرة السليمة التي تستسلم بعد فترة وتتعود على ما يقدم لها فتتوقف عن الشعور بضرره والمقاومة له. تماما مثل مدخن السجائر، فهو يسعل في البداية ويضطرب وإن أصر على الإستمرار عليها يستسلم جسمه لها بل يطلبها ويشتاق إليها إن غابت عنه.
- النكهات المختلفة تشير إلى أن الأفكار الخاطئة والعادات السيئة أشكال وألوان وتعرض على القلب واحدة تلو الأخرى حتى تمثل نسيجا يغلف قلبه ويمنعه من رؤية الحق والخير والالتزام بالفضائل والحياة الطبيعية بجمال فطرتها التي فطر الله الناس عليها.
- الحديث عن أسنان سامي التي لم تنم أو تسوست يشير إلى التلف النفسي والمهاري وضعف قدرات من يقع تحت هذه التأثيرات.
- الألعاب والممرات تشير إلى المسارات الملهية لنا والتي نستغرق ونضع فيها كل وقتنا وتركيزنا ونتلهى بها عن إصلاح أنفسنا وتطوير حالنا والتحول لحال أفضل.
- الدوران في نفس المسارات ثم العودة وكأنه في متاهة. هو بحاجة لمن يمد له العون ويساعده على الخروج منها. لابد من تغيير الفعل الذي يوصلنا دائما لنتيجة غير التي نرجوها. التفكير وبذل الجهد في التغيير هو ما يحتاجه ليغير واقعه المؤلم.
- سيتطلب الأمر وعيا وبذلا للجهد واللجوء لمصادر ربانية وميزان الله ليقيس كل ما لديه حتى يعرف الخير من الشر ويصنع لنفسه مسارا جديدا يخرج به من تلك المتاهة ويستعيد عافيته.
- في القصة دعوة لكل من لديه القدرة على انتشال أمثال سامي من سجنه ويساعده على الخروج للطبيعة والفطرة الجميلة حتى تتعافى صحته ويستعيد قدراته وأن يكون هو صاحب القرار في حياته. يتطلب الأمر جهدا ولكنه ضروري.
- مع الشكر الجزيل للأ. إسماعيل أبو عبد السلام
وهو صاحب إجازة في كلية الشريعة والقانون وحاصل على دبلوم فقه مقارن و دبلوم التأهيل التربوي والبرمجة اللغوية العصبية والمتخصص في اللغة العربية على مراجعته ذلك المنشور لغويا وشرعيا.
ملحوظة أخيرة/ لدى موقع إتقان خطة كبيرة وطموحة لتقديم الخدمات للوالدين والمعلمين والمشرفيين التربويين. وتمنينا دوما أن نبذل كل برامجنا مجانية حتى لا نضع عقبات امام وصولها لكل من يحتاجها. ونفتح لكم الباب لدعم منصة إتقان للإستمرار والتوسع والتقدم نحو المزيد من الإحترافية. يمكنكم دعمنا من خلال الضغط علي العنوان التالي وتقديم الدعم من خلال موقع باتريون
ممتازة القصة والتشبيه
واقعنا المغاصر للأسف
إعجابإعجاب
شكرا على التعليق أ.ميساء تمنيت ان نقوم بدورنا في إنتزاع تلك الرضاعة من أيدي أبنائنا والعودة معهم للعالم الطبيعي النقي الصحي لينعموا بالصحة البدنية والصحة النفسية
إعجابإعجاب
بارك الله بكم . لفتات جميلة وهامة في حياتنا .
كان يمكن أن يكون تأثيرها على القارئ لو تمت العناية بالصياغة اللغوية بشكل أكبر أو عرضت على مختص أدبي للمراجعة.
إعجابإعجاب
حاضر
إعجابإعجاب